العادات والتقاليد السودانية : طبيعتها ومصادرها
إذا كانت الحضارة هي محصله تفاعل الإنسان مع كل من الطبيعة والمجتمع ،فان العادات والتقاليد هي جزء من الحضارة،فهي محصله تفاعل الإنسان مع المجتمع،فقد اهتدى الإنسان خلال معاناته المشكلات الخاصة بالاتصال الحتمي بين الناس في المجتمع ،إلى حلول تتصل بعلاقات الناس ،صاغها أنماطا من السلوك،واطرد تطبيقها حلولا لمشكلات متجددة، وانقلبت خلال اطردها إلى قواعد دارجة يلتزمها الناس في علاقاتهم بدون جهد يذكر.
واسمي العلماء المسلمين العادات والتقاليد بالعرف،والذي اعتبروه من المصادر التبعية للشريعة.
والعادات والتقاليد كجزء من الحضارة تلازم حركه المجتمع وأطوار تكوينه الاجتماعي، وهى مؤثره ومتاثره بجمله العوامل الذاتية والموضوعية التي تساهم في تطور أو تخلف هذا المجتمع.
بناءا على ما سبق فان العادات والتقاليد السودانية هي مجموع الحلول التي اهتدى إليها الإنسان السوداني خلال معاناته لمشكلات الاتصال بين الناس في المجتمع السوداني .
هذه العادات والتقاليد تكتسبها الشخصية الحضارية المعينة من خلال علاقات انتمائها الاجتماعية والحضارية المتعددة،وكذا الأمر مع الشخصية الحضارية السودانية التي اكتسبت عاداتها وتقاليدها من خلال علاقات انتمائها المتعددة .
فهناك العربية كعلاقة انتماء قومي ذات مضمون لساني ثقافي لا عرقي مضمونها أن اللغة العربية هي اللغة في المشتركة بين الجماعات القبلية والشعوبية السودانية بصرف النظر عن أصولها العرقية ولهجاتها القبلية. لذا نجد الكثير من العاداتوالتقاليد السودانية ذات أصول عربيه منها (دخان الطلح) و(الحنة) و(دق الشلوفة) و(الهمبتة) والأخيرة تقابل (الصعلكة العربية) التي طهرت في المجتمع العربي القبلي(الجاهلي) .
وهناك الاسلام كعلاقة انتماء ديني حضاري لذلك نجد الكثير منالعادات والتقاليد ذات أصول اسلاميه.
وقد ساهمت الطرق الصوفية في نشر الإسلام في السودان.وأصبح التصوف وقيمه السلوكية والمعرفية - أحد مكونات الشخصية السودانية ،لذا نجد أن كثير من العاداتالسودانية ترجع إلى التصوف منها:حلقات الذكر والرقص الصوفي والنوبة والطار وزيارة الاضرحه.
وهناك علاقات الانتماء التاريخي الحضاري القبلي والشعوبي السابق علي الاسلام الذي لم يلغيه، بل حدده كما يحد الكل الجزء (بالإلغاء لما يناقضه من معتقدات وعادات، والإبقاء على مالا يناقضه). فكان بمثابة إضافة أغنت تركبه الداخلي، وأمدته بإمكانيات جديدة للتطور.
لذا نجد أن كثير من العادات والتقاليد السودانية ترجع جذورها إلى التراث الحضاري الشعوبي النوبي السابق على الإسلام كطقوس الأعراس والجنائز و الشلوخ ووضع الوشم على الشفاه والجسد التي ترجع إلى الحضارة المروية والراكوبه وتزيين المنازل وطلائها.
كما نجد أن كثير من العادات والتقاليد السودانية ترجع جذورها إلى التراث الحضاري القبلي الافريقى السابق على دخول الاسلام كالاعتقاد بأن بعض الأعشاب والأشجار (العروق) تؤثر في الناس الذي مرجعه الاعتقاد القبلي الافريقى بان للطبيعة اثر فعال على السلوك وكذلك الرقص وآلات الصيد كالحراب وبعض الأدوات المنزلية و المباني مثل القطيه ومنها الزار الذي هو في أصله طقس وثني للقبائل الأفريقية انتقل من الحبشة إلى السودان