دفع الارتفاع المفاجئ لأسعار كافة السلع الاستهلاكية الضرورية في السودان المواطن للجأر بالشكوى من حالة هي الأشد غلاء، إذ تضاعفت معها أسعار كافة السلع بشكل غير مسبوق، رغم ما ظلت تعلنه الحكومة من إجراءات قالت إنها ستعالج المشكلة.وزادت الأسعار في ظل شح في كثير من المواد الأساسية، ما دفع اقتصاديين للحديث عن أزمة وشيكة تساهم في حالة غياب الاستقرار التي يعاني منها الاقتصاد منذ فترة. ويقول السر تاج الدين، وهو متقاعد، إنه تفاجأ بارتفاع الأسعار دونما سابق إنذار، مشيرا إلى أن ما بحوزته من مال لا يكفي لسد أبسط حاجيات الأسرة. وأضاف تاج الدين أنه لم يجد إجابة واضحة من صاحب المتجر عن سبب الارتفاع الكبير بالأسعار، وحتى التاجر يقول إنه اضطر لزيادة أسعار السلع تبعا لما هو متداول بالسوق. وتساءل في تصريح للجزيرة نت عن أسباب ارتفاع الأسعار قائلا "لم نجد إجابة عن هذه الزيادة من أي أحد، على الرغم من أن الحكومة تتحدث دائماً عن إصلاحات اقتصادية تساعد في تخفيض الأسعار".
ووفق هذا المواطن فإن ارتفاع الأسعار مرتبط بما أعلنته الحكومة من زيادة في أجور موظفي الدولة، والتي أصبحت نقطة في بحر الغلاء والارتفاع الجنوني لأسعار السلع الضرورية.
الإنتاج والاحتكار
غير أن الاقتصادي محمد الجاك يرجع ارتفاع الأسعار إلى تدني الإنتاج، وإلى وجود منافسة احتكارية داخل الأسواق تساعد على ارتفاع أسعار السلع والخدمات.
ويوضح بأن ما وصفه بالممارسات السيئة تتم عبر قنوات توزيع السلع مثل المضاربات والرسوم غير المبررة وعمليات التخزين، معتبرا أن من شأن ذلك أن يؤدي إلى خلق عجز بالسلع والخدمات، ما يتسبب في ارتفاع الأسعار بصورة مستمرة.ولفت الاقتصادي إلى عدم وجود رقابة حكومية على الأسواق "مما يضطر المنتجين إلى رفع الأسعار عبر التحكم في الكميات المعروضة" منبها إلى عدم دعم الدولة للسلع التي تفوق أسعارها ما هو موجود بأسواق منافسة.ومن العوامل التي أسهمت أيضا في الارتفاع الصاروخي للأسعار -وفق الجاك- الضرائب التي تفرضها الدولة والرسوم المتنوعة المطبقة بالولايات والمركز، إلى جانب القرارات الحكومية برفع الدعم عن السلع، وهو ما كان له تبعات سلبية.سياسات الدولة
وأرجع عضو اللجنة الاقتصادية بالبرلمان بابكر محمد التوم ارتفاع الأسعار إلى قصور في سياسات الدولة الخاصة بتوفير السلع الاستهلاكية، وإيجاد نظام مراقبة للأسواق.وأشار إلى افتقار السلطات لوسائل تخزين للسلع التي تواجه ندرة من أجل إحداث توازن بالأسواق، مؤكدا عدم وجود برامج تسويق تشجع المنتجين على زيادة الإنتاج "ولذلك أصبحت سلع مثل الطماطم تواجه شحا وزيادة عالية بأسعارها".وتحدث التوم عن عدد من المعوقات التي تواجه المزارعين، ومنها مشاكل التمويل الزراعي وضعف استيراد الأسمدة وأدوية مكافحة الآفات وآليات الحصاد، إلى جانب الرسوم والضرائب المرتبطة بقضية توفير العملة الأجنبية، وتوقع حدوث أزمة جديدة في كافة السلع الاستهلاكية "ما لم تعالج الحكومة الأمر بالسرعة المطلوبة".وكان حسبو عبد الرحمن نائب رئيس الجمهورية عقد اجتماعا مع مسؤولي حكومة ولاية الخرطوم ومحافظ البنك المركزي لبحث أسباب ارتفاع أسعار السلع الأساسية، وكيفية السيطرة عليها.العملات الأجنبية
ووجه نائب الرئيس عقب اجتماع البنك المركزي إلى ضرورة توفير العملات الأجنبية لضمان مدخلات إنتاج الدواجن ودعم المنتجين، إلى جانب توجيهه إلى توفير العملات لجهة تنفيذ برنامج الخبز المخلوط، مع دفع ولاية الخرطوم للتحرك العاجل لاستيراد لحوم حمراء من مناطق الإنتاج وطرحها في أسواق البيع بسعر مخفض.وأكد الاجتماع ضرورة توجيه الدعم الاتحادي لقطاعات الإنتاج للتركيز هذا العام على زراعة الحبوب الزيتية، وعلى صناعة الألبان واللحوم.