ن الأمة الإسلامية تستقبل شهر رمضان المبارك بنفوس راضية مطمئنة مما يدفع جميع المسلمين على بقاع المعمورة للعمل الصالح والتقرب إلى الله تعالى بفعل الخيرات والبعد عن المنكرات ، لعلنا نفوز بما أعده الله لعباده الصائمين من جنة عرضها الأرض والسماوات, فديننا الحنيف يرشدنا إلى الخير ويأمرنا به ويبعدنا عن الشر وينهانا عنه فالمسلم كالنخلة يرميها الناس بالحجارة وترميهم بالثمار فإيجابية المسلم تعود عليه بالنفع وتتعدى إلى المجتمع فيصلح الله به المجتمع فبالإنسان الصالح يقوى المجتمع ويتعاون أفراده فالمؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا، فإن من أبرز سمات الإيجابية في الشخصية الإسلامية كما يريدها ديننا الحنيف هو دعوتها لكي يتحمل صاحبها المسؤولية، فلا يقف من المواقف موقفا سلبيا، فالمسلم مسؤول عن نفسه وعن زوجته وأبنائه وعن مجتمعه ووطنه، لذلك فهو يقف دائما موقفا إيجابيا ولا شك أن اكتساب القوة والتحلي بها من علامات الايجابية، والإسلام يدعو المسلمين أن يكونوا أقوياء، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كذا كان كذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل فإن لَو تفتح عمل الشيطان) رواه مسلم.
فالقوي في رمضان من يجب عليه الاهتمام بنفسه ودعوته للخير وزجرها عن الشر فإن روح المبادرة قائدة ودليل إلى النجاح والتفوق، والحياة مليئة بفرص الخير ومجالات التقدم كثيرة ولكن يقل من يتقدم لنيل المبادرة وقصب السبق ونحن متفاوتون في طريقة استقبالنا لمثل هذه الفرص، فهناك الكسول اللامبالي الذي لا تهزه فرص النجاح والفلاح في الطاعة والعبادة، فليعلم مثل هذا أن المبادرة هي عنوان الفلاح وهي طريق التقدم وسلاح اغتنام الفرص واستثمار الأوقات في العمل الصالح والعبادة، فالبشر تواقون إلى النجاح والفلاح والإنجاز في حياتهم الشخصية والعملية ولكن النجاح الدائم حلم صعب المنال يحتاج لقوة العزيمة والارادة الصادقة التي تجعل من الطاعة طريق للفلاح والفوز بجنة عرضها الأرض والسماوات ، فللنجاح طريق واحد وللإخفاق أبواب عدة ، فإن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم مليئة بكثير من الدروس والعبر التي يتعلم منها المسلم كيفية تحويل الإخفاق إلى نجاح وذلك بقوة الإرادة والعزيمة الصادقة، ففي غزوة حنين عندما قارب المسلمون على الهزيمة بعد أن غرتهم كثرتهم فالغرور هو أحد أسباب الإخفاق ولكن النبي صلى الله عليه وسلم يثبت أمام أعداء الله وينزل ويحتمي به الصحابة وهو يدعو ويطلب النصر من ربه، ويقول: أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب، فثبت الصحابة حوله وحولوا الهزيمة إلى نصر والإخفاق إلى نجاح فهل أيقن كل مخطئ أن يملأ نفسه بقوة العزيمة وتحويل المعصية إلى طاعة فالقوي هو من زجر نفسه عن المعاصي.