في الأيام العادية، يتعود مرضى السكري على برامج غذائية خاصة، ووصفات علاجية معينة، يأخذون بموحبها جرعات دوائية محددة. ومع
حلول شهر رمضان الكريم، يتغير الوضع رأسا على عقب بسبب تغير مواقيت الوجبات الغذائية وعددها والفارق الزمني بين كل واحدة منها. لذلك، يتعين على مرضى السكري مراعاة هذه التغيرات، والتكيف بطرق صحية وعلمية مع الوضع الجديد بمساعدة نصائح الأطباء وتعليماتهم.
أنواع مرض السكري:
يُعتبر السكري من الأمراض المزمنة التي يُمكن السيطرة عليها بالعلاج والحمية، ويُقسِّمه الأطباء إلى نوعين: نوع يحتاج إلى العلاج بحُقَنِ الأنسولين، ولا يسمح لمعظم المصابين به بالصيام بسبب حاجتهم إلى أخذ جرعتين من حقن الأنسولين أو أكثر في اليوم، وتناوُل الغذاء مباشرة بعد كل حقنة. لذلك ينصح المصابون بهذا النوع من السكري باستشارة الطبيب لتحديد قدرتهم على الصوم من عدمِها.
أما النوع الثاني لمرض السكري فلا يعتمد علاجه على حقن الأنسولين، ويعتبر المصابون به أخف ضررا مقارنة مع المصابين بالنوع الأول، وذلك لأنهم يكتفون باستخدام أقراص منشطة للبنكرياس تؤخذ عن طريق الفم، فتؤدي إلى إفراز كميات من الأنسولين تكفي حاجتهم، وتجعلهم يمارسون نشاطهم اليومي أثناء الصيام بحيوية ونشاط. ومعظم المصابين بهذا النوع يفيدهم الصيام شريطة الالتزام بتنظيم وجباتهم بين الإفطار والسحور.
مبيحات الصيام عند مرضى السكري:
يمكن السماح لمرضى السكري من النوع الثاني بالصيام، لكنهم ينصحون بالتعامل بحذر مع تعديل جرعات الأدوية، والانتباه إلى كمية الطعام المستهلكة في كل وجبة من الوجبات والحرص على انتظامها من حيث الكم والكيف ليتم تناول ثلاث وجبات على فترات متساوية بين الإفطار والسحور، مع تقليل الجهد البدني أثناء فترة الصيام، وخاصة فترة ما بعد الظهيرة.
موانع الصيام عند مرضى السكري:
لا ينصح مرضى السكري من النوع الأول بالصيام، لأن في ذلك خطرا على صحتهم، وإذا حدث وأصر المريض على الصيام فلابد له من مراجعة الطبيب للتأكد من انتظام مستوى السكر بالدم قبل شهرين من رمضان على الأقل. وهناك حالات لا يُسمَح فيها بالصيام مطلقاً لأن حياة المصاب تصبح في خطر، خاصة عندما يكون مستوى السكر بالدم متذبذبا وغير منتظم، ويدخل في هذا النطاق الأطفال و النساء الحوامل ومرضى السكري الذين يعانون من أمراض أخرى كالفشل الكلوي، وقصور الشريان التاجي، وهبوط القلب والالتهابات الشديدة وغيرها من الأمراض المزمنة.
مضاعفات الصيام على مرضى السكري:
إذا أصر مريض السكري على الصيام دون مراجعة الطبيب وأخذ إذنه، ودون اتخاذ الاحتياطات الدوائية والغذائية اللازمة، يُحتمَل أن يتعرض للكثير من المتاعب الصحية التي قد تزيد من تفاقم المرض وأعراضه، وقد تؤدي به إلى الوفاة لا قَدَّر الله. وفي هذه الحالة يمكن للمريض أن يتعرض للمضاعفات التالية:
انخفاض نسبة السكر في الدم:
يحدث الانخفاض الشديد لنسبة السكر في الدم بسبب إهمال المريض لتناول وجبة السحور، وامتناعه عن أخذ الأدوية الخافضة للسكر، وقيامه بأعمال مجهدة أثناء فترة الصيام. وفي هذه الحالة، تظهر على المريض أعراض كثيرة من بينها شدة الجوع، والشعور بالتعب والإرهاق، والدوار، والتعرق، وزيادة نبضات القلب. وقد يتعرض المريض لغيبوبة نقص السكر، التي يمكن أن تؤدي إلى الوفاة لا سمح الله.
ارتفاع نسبة السكر في الدم:
يحدث الارتفاع الشديد في نسبة السكر بالدم بسبب تغيير المريض لكمية الجرعات الدوائية ومواقيت تناولها دون استشارة الطبيب المختص، كما يحدث نتيجة الإخلال بالنظام الغذائي وعدم الالتزام بالحمية من خلال الإفراط في الأكل الغني بالسكريات بين وجبتي الإفطار والسحور، كما يحدث بسبب قلة النشاط البدني وكثرة الخمول والكسل.
الحموضة السكرية:
تحدث الحموضة السكرية عادة عند مرضى السكري من النوع الأول أثناء الصيام بسبب الانخفاض المفاجىء لنسبة السكر في الدم، الناتج عن تخلي المريض كليا أو جزئيا عن تناول بعض الجرعات الدوائية من مادة الأنسولين وإهمال الحمية الغذائية الصحية، إضافة إلى التقليل من الحركة وممارسة الرياضة.
الجفاف والجلطات:
يحدث الجفاف عندما يرتفع مستوى الجلوكوز في الدم بنسب عالية فيُجْبَرُ المريض على التبوُّل بكثرة لخفض مستوى السكر في الدم، وبذلك يفقد الكثير من السوائل في وقت وجيز دون القدرة على تعويضها بشرب الماء أثناء الصيام، فتزداد حالة الجفاف، وترتفع لزوجة الدم، ويصبح مريض السكري عرضة للإصابة بالجلطات.
نصائح مختصرة لمرضى السكري في رمضان:
ينصح مرضى السكري باستشارة الطبيب المختص قبل الصيام وعند الإحساس بأعراض غير طبيعية، ويستحسن لهم تناول السوائل بين الإفطار والسحور، وعدم الإفراط في تناول الحلويات والدهون. كما يتعين عليهم الالتزام بالفحص المنتظم لنسبة السكر بالدم أثناء الصيام وبعد الإفطار. ولْيَتذكروا دائما أن الإسلام دين يُسْرٍ وأن الله سبحانه وتعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها